الحليبي سرد قصصهن في محاضرة بالأحساء
فتيات قادهنّ عضل البنات إلى معاكسة عشرات الرجال والتفكير في المخدرات
عضل الفتاة أمر يحرمه الدين وترفضه المجتمعات
الهفوف: عدنان الغزال
سرد
مدير مركز التنمية الأسرية في الأحساء المستشار الأسري عضو جامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية فرع الأحساء الدكتور خالد بن سعود الحليبي، مجموعة
من القصص لفتيات وأخريات تعدن سن الزواج، جراء وقوعهن في "عضل البنات"، وهي
معاناتهن من أولياء أمورهن بسلب حقوقهن وانتهاك إنسانيتهن.
جاء ذلك في
معرض محاضرته مساء الثلاثاء، بعنوان "عضل البنات"، التي نظمتها إدارة
الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد في الأحساء بالتعاون مع مركز التنمية
الأسرية التابع لجمعية البر في المحافظة، في قاعة القصر الأبيض بالهفوف،
واصفاً ذلك بـ "وأد من نوع آخر"، انحرفت فيه المشاعر الأبوية انحرافا مسيئا
للإنسانية.
وأكد الحليبي في معرض محاضرته أنه قد سمع تلك القصص من أفواه الضحايا مباشرة، وقرأ ما خطته أناملهن بنفسه.
السجن المنزلي
فتاة
تقول "إننا حبيسات بيتنا منذ سنوات، فكل فتاة تنهي السادسة الابتدائية
تدخل هذا السجن المنزلي، فلا يحق لها أن تزداد علما، ولا تخرج إلى الحياة،
ولا تتزوج، بينما أبونا تزوج أكثر من واحدة"، وأخرى تصرخ "ماذا يريد مني
أبي، كلما طرق الباب خاطب رفضه، حتى قاربت الثلاثين". وثالثة تتضرم بشكواها
وتقول "إنني وأخواتي سجينات المنزل، لم تدرس منا واحدة، ولم تتزوج، بل صرح
والدنا بقوله: لا تحلم أية واحدة منكن أن تدخل على زوج"، ورابعة تهمس بخوف
شديد وتقول "لقد كبرت.. أريد الزواج، ولكن أبي يشترط شروطا من الصعب
توفرها في الخاطب".
وخامسة تنفجر وتقول "لدى والدي نوع من التسلط
والجبروت على البيت ومن فيه، ولا يدري ما فعله فيَّ عندما رفض تزويجي. أصرخ
كل ليلة وأبكي كل حين، الأيام تمر وتمر وأنا لم أبدأ حياتي بعد، متى سوف
أبدؤها؟".
عاكست 50 رجلاً
واستمع إلى قصة فتاة أخرى مقهورة بقولها
"في البداية أقسم بالله أنها الحقيقة ولن أكذب عليك، تعبت والله تعبت، أنا
كنت والحمد لله ملتزمة، كان حلمي وهاجسي الوحيد أن أصبح داعية، كما كنت
أحلم أن أكون معلمة، وفي الوقت نفسه كنت أدرس في التحفيظ، فحفظت ستة أجزاء،
لا أسمع الغناء، ولا أشاهد المسلسلات ولا الأفلام!. تبدأ قصتي وأنا في
الثالث ثانوي. أراد الله ألا أحصل على نسبة جيدة، فطلب مني والدي أن أعيد
السنة، فرفضت لأنه لم يبق إلا أسبوع على الاختبار، فجاءت نسبتي ضعيفة،
فانتسبت إلى إحدى الكليات، ولكن والدي رفض ذلك، بكيت ليالي طويلة، توسلت
إليه، ووسطت إخوتي الكبار، فرفضوا مساعدتي، وقلت: لعله خير، مرت الأيام
وبدأ العام الجديد، فأصبحت حياتي كئيبة كلها فراغ، رجعت أحاول مع والدي
لأكمل دراستي أو أعمل، لأن الفراغ مميت، فرفض أن أعمل، وأن أدخل أي دورة من
الدورات، بكيت على مستقبلي كثيرا، صديقاتي التحقن بالكليات، ومرت الأيام
وجاء يوم مشؤوم حين أدخل والدي جهاز الدش وليته لم يفعل، فرفضته وقبلته
أخواتي، منعتهن ولكن دون جدوى، ولكني بعد ذلك بدأت أشاهده قليلاً، وفي ذات
يوم رن الهاتف فشاهدت رقما مميزاً، فخفت، وتجاهلته، فاتصل مرة أخرى، أغلقت
الجهاز والتلفاز، ونمت، اتصل مرة أخرى، فقلت سأعرف من وراء هذا الرقم، رددت
صامتة، سمعت همس رجل، أغلقت هاتفي؛ لأنني لأول مرة أسمع صوت رجل، مر أسبوع
وفي الوقت نفسه رجع إلى الاتصال، فجرني معه إلى وحل المعاكسات، مرت أيام
وأسابيع وأنا أكلمه، مر شهران عاكست فيها أكثر من خمسين رجلا، منهم من طلب
صورتي، ومنهم من طلب مقابلتي، ومنهم من يشحن لي ويرسل صوره، وصورا أخرى
فاضحة، أخبروني بقنوات كنت أفتحها ليلا، وأرجع أشفرها بالنهار حتى لا يعلم
أبي، شاهدت مسلسلات وسمعت أغاني، تعلمت الرقص وشاهدت أفلاما خليعة ليلا
وأهلي نائمون، لا يعلمون،.. حاولت الانتحار، ولكن بقي في قلبي الخوف من
الله تعالى، تعبت، سنة مرت وأنا لا أعرف ماذا أفعل؟ أريد أن أعود إلى حياتي
السابقة، لا أستطيع".
فكرت في المخدرات
كذلك استمع إلى قصة واحدة من
بناتنا تقول "لم يستطع أحد مساعدتي، والدي معلم شخصيته قوية، وعصبي الطبع
لا أستطيع أن أتحمل غضبه علي، والدتي شخصيتها حساسة طيبة القلب، رحيمة هي
بين يدي والدي يصرفها كيف يشاء، حرمتُ من التعليم والزواج والراحة النفسية،
نفسي تحثني على الزواج بشكل مخيف؛ حتى خفت على نفسي من فعل الحرام، لذا
لجأت إلى الصيام، وخفَّ ما بي، خفَّ إلحاح الزواج، ولكن اشتعل إلحاح
الأمومة، إذا رأيت أبناء إخوتي أتألم على حالي، أيُّ شيء يؤثر في نفسي، ما
عدتُ أقدر أتواصل مع الناس، صرتُ أعيش وحدي رغم وجود أسرتي، أحس بأن الكل
يكرهني، أحيانا أفكر في عمل مصيبة أقدمها لوالدي على طبق من فضة، حتى يصحو
من غفوته، وبعد فوات الفرصة اكتشفت أن والدي يردُّ الخاطبين دون أن
يستشيرني؛ مما أصابني بنوبة حزن أطارت النوم من عيوني، تحسرت وتألمت، وبكيت
ومرضت، ولا أحد من أسرتي يحس بي، وبسبب الضغط النفسي فتحت لي أبواب أكثرها
شر، ضيعت تفكيري، وحيرتني في أمري، حاولت أن أصارح والدي بما في قلبي،
وعندما أصل إلى نقطة النهاية تصيبني رجفة، وأرى والدي وهو يصرخ في وجهي،
فأتراجع إلى نقطة البداية، فكرت باستخدام المخدرات حتى أنسى كل شيء في
حياتي، لكن أحد الإخوان في الله سمَّعني كلاما يهدُّ الجبال، وما زلت أتذكر
كلمة من كلامه؛ قال: "الكل يريدك لنفسه، إلا الله يريدك لنفسك"، أصبت
بالاكتئاب، وأنا الآن أتعالج دون أن يعلم أهلي بأمري، ولا أحد من أهلي يعلم
عني شيئا، أحزن وحدي، أتألم وأمرض وحدي "
طردني من البيت
وتقول إحدى
البنات في رسالة لها "أنا فتاة على مشارف الثلاثين من عمري، ابتلاني الله
تعالى بوالد لم يعرف الرحمة، بل الأبوة، متجرد من كل معانيها، منذ أن عرفت
الدنيا وأمي هي التي تنفق علي وتكسوني، عاملنا أبي بقسوة وظلم، وكان قاسيا
جدا مع أمي، وهي صابرة محتسبة، تقدم لي الخطاب منذ أن كنت في المتوسطة،
وكان يرفض بحجة أني لابن عمي، وتوالت السنون، واعتذر ابن عمي، بحجة أنه لا
يريد القريبة، صبرت، ولكن أبي رد اللوم علي، تزوجت أختي الأصغر مني، ولم
يبق إلا والدي وأنا في المنزل، لم أفكر قط في أي وظيفة، مع أني متخرجة من
الكلية لأقوم على خدمة والديَّ، فقد تقدم بهما السن، فقد كنت أتحمل قسوة
والدي، حتى أني كنت أنام بعض الليالي بجوعي، توفيت أمي، فمررت بظروف نفسية
صعبة، ولم يمض شهران على وفاة أمي، إلا وقرر والدي الزواج مع أنه تجاوز
الثمانين، تزوج من امرأة في الخمسين، فانقلب إلى حمل وديع معها، يلبي كل
طلباتها، كانت هي الأخرى تعاملني على أني صاحبة معاكسات ومغازلات، على أني
سارقة، تتجسس علي حتى وأنا نائمة، تحاول أن تثير الشكوك حولي، حتى أسمعتها
ما تكره، فثارت ثائرتها، وبدأت تترجم الحقد والغيرة التي تكنها إلى أفعال
تثير المشكلات مع والدي، عاملوني كخادمة، صبرت، وقبل شهرين حدثت بيني
وبينها مشادة، وهي المخطئة، فطردني والدي من البيت، وذهبت لأخواتي
المتزوجات، عشت ذلا لا يعلم به إلا الله، إذا بقيت عند أخواتي تضايق
أزواجهن، وإن ذهبت إلى إخوتي تضايقت زوجاتهن، إلى أن مات عمي، فعدت من سفري
بحجة حضور العزاء. لم يمر أسبوعان على مجيئي حتى عادت زوجة أبي تستفزني
حتى تظفر مني بغلطة، وفعلا حصل لها ما تريد، حيث تلفظت عليها بكلمات، ففرت
تبكي إلى والدي، فاستدعى الوالد أحد إخوتي الكبار، وطردني، فحلفت ألا أخرج،
لأنه فعل رجل ليس في قلبه مثقال ذرة من رجولة، وذكرته بأني ابنته، فقلت
له: إن عجزت عني، وكل يوم تطردني، فلنذهب إلى المحكمة وتتنازل عن ولايتي،
وبعدها أذهب إلى دار الرعاية، فجن جنونه، وتوعدني أن يستدعي أخي الثاني،
ويجلدونني جلدا لم يجلد مثله أحد، هذا إن سلمت من القتل، لأنهم توعدوني
بذبحي، ودعا علي بالسرطان، فلم أفرح بمثل هذه الدعوة، أريد الموت ".
حرمتني من الزواج
وأشار
الدكتور الحليبي خلال المحاضرة بأنه تلح عليه هنا قصة الفتاة التي شهدت
لحظة احتضار والدها، فالتفتت إليه وهو يجود بروحه، ويتمنى أن يسمع ممن حوله
كلمة طيبة يختم بها حياته وهو مرتاح البال، فإذا بابنته تلتفت إليه وتقول:
أبي قل آمين.. فقال: آمين وهو يعالج سكرات الموت، لعلها تستغفر له، فردت
عليه الطلب فأمن الثانية والثالثة، فصاحت به: حرمك الله من الجنة كما
حرمتني من الزواج".
كما تقول فتاة ثانية "كلما تذكرت والدي المتوفى وأخي
الأكبر لا أدري هل أدعو لهما بالمغفرة والرحمة أم أدعو عليهما، فكلاهما
جشع وطماع، فكلما تقدم شاب لخطبتي اشترطا مهرا لا يقدر عليه، حتى تفرق
العرسان!"، وتقول فتاة ثالثة "كلما تقدم لنا خاطب أنا وأخواتي الأربع قال
أبي: "حتى يكملن تعليمهن"، وأصبح الناس لا يطرقون باب منزلنا، ومع السنين
كبرنا، وفات قطار الزواج".
وتقول فتاة في القصة الرابعة " والدي من
المتمسكين بالعادات، فكلما تقدم عريس لخطبتي يشترط أن يكون من قبيلتنا حتى
فاتني قطار الزواج، ولما شعر بأنني تقدمت في السن أرادني أن أتزوج رجلا
لديه ثلاث نساء فرفضت، ولما رأيت الوقت قد فات قلت في نفسي: "لقب عانس ولا
عذاب آخر"!".
وتروي فتاة خامسة قصتها بعيون باكية "سامح الله والدي الذي
أجبرني على عدم الزواج؛ طمعا في راتبي؛ فكلما جاء أحد لخطبتي رفض بحجة أن
أقوم برعاية إخوتي الصغار بعد وفاة والدتي، ولكنني اكتشفت مؤخرا أن السبب
هو هذا الراتب اللعين الذي بسببه فاتني قطار الزواج، وجعلني رقما في عداد
العوانس".
العضل ليس ظاهرة
وأكد الدكتور الحليبي في ختام محاضرته أن
عضل الأولياء ليس ظاهرة في بلادنا، بل هو شذوذ ينبغي أن يقلع عنه المتورطون
فيه، ويتقوا الله في رعيتهم التي استرعاهم الله عليها، مبيناً أن ندرته
تزيد من لسعاته على قلوب الفتيات اللاتي يجدن أنفسهن محرومات مما هو متاح
لغيرهن، وكل ذلك بسبب واحد فقط: أنهن بنات لهذا الأب القاسي وحسب.
وشدد
على أن مجلس هيئة كبار العلماء أصدر فتوى بأن التحجير وإجبار المرأة على
الزواج بمن لا ترضاه ومنعها من الزواج بمن ترغب به ممن استوفى الشروط
المعتبرة شرعا أمر لا يجوز، بل اعتبره من أكبر أنواع الظلم والجور.
ووجه
نداء إلى كل فتاة أن تبادر بطلب رفع الحجر عنها إذا حجرت ظلما وعدوانا،
وأن تعلن قبولها لمن ترضاه من الخاطبين، وإذا عضلت فعليها أن تسرع برفع
دعوى إلى لجان إصلاح ذات البين، أو المراكز الأسرية، لتحل القضية بالطرق
الودية، فإن لم يفد ذلك، فترفعها إلى المحكمة، لتقوم المحكمة بنصرتها،
وتنقل ولايتها من العاضل إلى الحاكم الشرعي؛ ليزوجها ممن يرضى دينه وخلقه،
ومن يكافئها حسبا ونسبا ودينا، لافتاً إلى أن الشرع الإسلامي منح المرأة حق
اختيار زوجها، إذ هي التي تشاركه الحياة، ومنع إكراهها على الزواج،
وأعطاها حق فسخ العقد إذا أكرهت عليه.
مع تحياتى: عبدالله بطاطا
مدير المنتدى
عدل سابقا من قبل احمد رشوان في الخميس أغسطس 30, 2012 7:26 pm عدل 1 مرات (السبب : وضع صورة وتكبير الخط)